مدونة اصلاح القلوب عبدالباسط ابومعاذ

الأربعاء، 31 ديسمبر 2014

الكاتب ابومعاذ | على7:45 ص | لا يوجد تعليقات
بماذا يبشر رسول الله المؤمنين يارب؟ قال ليس بالأجر والثواب – لأن الأجر والثواب لا يكون إلا بعد الإياب هناك فى الآخرة – ولكنه يبشرهم: {بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً** الأحزاب47 لهم الفضل ، وهذا الفضل ليس بالعمل ولا بالسعى ولا بالجد والاجتهاد وإنما من كنوز المنن الإلهية ومن عين التفضلات الربانية، كما يقول بعض الصالحين: {قطرةٌ من بحر جودك تجعلُ الكافرَ وليَّـــاً والشقىَّ تقيَّـــاً** وهذا هو فضل الله: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ** يونس58 ولذلك فإن أصحاب المناصب العالية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصحاب الدرجات الراقية من المهاجرين والأنصار ومن بعدهم من الأولياء والصالحين إلى يوم القرار أخذوها بالفضل وإياك أن تظن أنها بالجهاد ، وأزيدك بيانا إن الذى يدخل بالجهاد فإنه من العُبَّاد ، كالذى يُمسك بالمسبحة ويَعُد على الله تسبيحاته أو الذى يقف طوال الليل ويَعُد على الله صلواته ، إن كان قليلاً أو كثيراً، أو الذى يقرأ القرآن ويَعُد على الله ختماته ، فهل عدَّ عليك الله النعم والآلاء التى غمرك بها فى كل الأنحاء؟ بل إن مفيض الفضل والجود والنعم قد تفضل عليك بهذه النعم فضلاً منه عز وجل ولم يعايرك بسببها ولم يَعُدها عليك ولم يأمرك بتسجيلها ، وكل ما يطلبه منك أن تشكره بالكيفية التى علَّمها لك فى كتابه وعلى منهج حَبيبه صلى الله عليه وسلم إذاً فالعطاءات الإلهية والمنن الربانية خصوصية ، والخصوصية بالفضل ، فكيف يأتى الفضل ومن أين؟ بأن يتعرض له الإنسان: إذا تعرض عبدى لنيل فضلى تحلَّى بحلة الحسنى منّى وبالشهود تملَّى كيف أتعرض لفضل الله إذاً؟ يستلزم التعرض أن تُجَهَّز لمولاك ولحَبيب الله ومُصطفاه قلباً سليماً وحالاً مستقيماً وحباً لحضرة الله ولنبيه مقيماً لا يُبقى فى القلب حبَّةً لغير هؤلاء الأحبة ، وتجهيز القلب لأنه هو الذى يتعرض لفضل الله ، وفضل الله لا ينزل إلا على القلوب أما خيرات الله فهى التى تنزل على الأجسام ، لكن الفتح الإلهى والعلم الربانى والنور القدسى والكشف لا تتنزل إلا على القلوب: {القلب بيت الرب فطهره له بالحب** فإذا صليت مثلاً ألف ركعة فى الليلة هل ينظر الله إلى السجود والركوع والتلاوة والتسبيح فى هذه الصلاة أم لغير ذلك؟ نسأل الحَبيب صلى الله عليه وسلم الذى قال: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمُ وَلاَ إِلَىٰ صُوَرِكُمْ وَلكِنْ يَنْظُرُ إِلَىٰ قُلُوبِكُمْ**{1** ينظر إلى ما فى القلب هل فيه إخلاص؟ هل فيه خشوع؟ هل فيه حضور؟ هل فيه صدق؟ هل فيه تبتل؟ هل فيه زهد فى الدنيا؟ هل فيه ورع عن الحرام؟ هل فيه الصفات النبيلة الكاملة التى كان عليها النبى وأصحابه الكرام؟ بل ما كان عليه أنبياء الله أجمعين عليهم أفضل الصلاة وأتم السلام؟ هذه هى التجهيزات التى يجب أن يكون عليها القلب والتى تجعله صالحا للتعرض لفضل الله وإتحافات الله وإكراماته فإذا أنت أتيت كل يوم ببدلة جديدة فإنها للخلق أما إذا أردت أن ترضى الحق فإنه يريد منك بدلة واحدة فقط ، بشرط أن تكون بيضاء وتُلبسها للقلب: "أحب الثياب إلى الله البياض" ولو أنك طهرَّت القلب إلى أن صار ناصع البياض كما خلقه الحق عز وجل فإن نيران المحبة تتأجج فيه وذلك لأن القلب أساساً مملوءٌ بحب خالقه وباريه ولا تنطفئ نار المحبة إلا بالمشاكل الكونية والحظوظ والأهواء الدنيوية عندما أُدخلها فى القلب ، فتضغط على الحب لله ولحبيب الله ومصطفاه وتجعل حبَّ الدنيا هو الظاهر. والمطلوب أن ترفع هذه الغواشى من القلب ليظهر حبُّ الله لأن القلب أساساً مملوءاً بحب الله ، فقد خلقنا الله ووضع فى قلوبنا نور محبته لأنه جعلنا من أحبته ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ فَإِنْ زَادَ زَادَتْ ، فَذٰلِكَ الرَّانُ ، ثم تلا قول الله: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ**{2** إذاً فقد جاء الحجاب من عند نفسك أنت ، أنت الحجاب ، فإذا رفعت الغواشى صرت من الأحباب وكُشف لك النقاب ، وأُذن لك بدخول الرحاب وتوجت بتاج أولى الألباب وفُتحت لك كنوز حضرة الوهاب وجعلك النبى صلى الله عليه وسلم لحضرته باباً من الأبواب ، هل فهمنا هذا واستوعبناه يا أيها الأحباب ، تصبح باباً لحضرة النبى صلى الله عليه وسلم إذاً لكى يحظى الإنسان بفضل الله ويرى البشائر من رسول الله بذاته عليه أن يتعرض ، ولكى يتعرض عليه أن يدخل على دائرة القلب وينظفها ويطهرها من الدنيا والشهوات والحظوظ والأهواء ولا يجعل فيه إلا هوىً واحداً يقول فيه صلى الله عليه وسلم: {لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به**{3** فيكون هواه تبعاً لهوى رسول الله وليس له هوى آخر ، وإذا صلحت القلوب وخلت من العيوب فوراً كوشفت بالغيوب وواجهت حضرة علام الغيوب وسكنها وحل فيها الحبيب المحبوب ، وأعطاها كل المنى والمطلوب ، لأن هذا العبد أصبح قلبه خالياً لحضرة علام الغيوب عز وجل: فرِّغ القلب من سوانا ترانا يا مريداً جمالنا وبهانا واعلُ فوق البراق ليلاً فإنا نتجلَّى ليلاً لمن يهوانا {1** صحيح مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه {2** سنن ابن ماجة عن أبى هريرة رضي الله عنه {3** فتح البارى عن أبى هريرة رضي الله عنه السراج المنير منقول من كتاب {السراج المنير** اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً [YOUTUBE]b_CXzYdRUTc[/YOUTUBE] [/QUOTE]

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2014

الاثنين، 13 أكتوبر 2014

الكاتب ابومعاذ | على5:17 م | لا يوجد تعليقات
محمد لPerfectionsRemembering  

الاثنين، 6 أكتوبر 2014

الكاتب ابومعاذ | على1:06 م | لا يوجد تعليقات
محمد لPerfectionsRemembering رسول الله يجعل الرجل على الفور يأخذ نصيبه من ميراث الحبيب وصاحب المختار (الصلاة وصلي الله عليه وسلم) .Striving مع الذات هو في القضاء على الارتباك ثم تذكر دائما الأوصاف والكمال من لMuhammad.Mohamad الله PerfectionsReminding رسول الله يجعل الرجل على الفور يأخذ نصيبه من ميراث حبيب الله ورسوله المختار (الصلاة وصلي الله عليه وسلم). السعي مع الذات هو في القضاء على الارتباك وثم تذكر دائما الأوصاف والكمال محمد (يرجى مراجعة ذلك ..... السيد @ [100003351079349: 2048: جمال عبد الحميد]. @ [670511923: 2048: مصطفى ربيع عبد الباسط ]

الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

الكاتب ابومعاذ | على7:58 ص | لا يوجد تعليقات


هذه الأمة أكرمها الله فجعلهم جميعاً أئمة ولا يوجد واحد من هذه الأمة قد خُلِقَ لنفسه أو لأهله المحيطين به في بيته فقط ، لكننا جميعاً من أول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخر فرد من هذه الأمة ؛ خلقنا لتبليغ رسالة الله ، وهذا هو التكليف الذي كلَّفه لنا ربنا قبل القبل وأعطانا به وسام الخيرية: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} آل عمران110

لماذا اختارنا على سائر الأمم؟ وما السر في ذلك؟ {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ، لم يقل الله " ستكونوا " ولكن قال {كُنتُمْ } قبل القبل ، أي أن الله خلق فينا هذه الفطرة وأكد لنا هذه الحقيقة ، وأعلن جميع الأمم السابقة أن هذه الطريقة وهذه الهداية هي سبيلنا وهي منهجنا الذي ارتضاه لنا ربنا ؛ فجزم الله الأمر وقال كنتم من الأزل القديم {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}

لا يوجد فينا من خُلق لنفسه ولكن خلقنا للناس ندعوهم إلى الله ونقربهم إلى الله ونبين لهم طريق الله ونأخذهم إلى شرع الله ونعلمهم كتاب الله ونؤدبهم بآداب حبيب الله ومصطفاه وهذه رسالتنا في هذه الحياة ولخَّصها الله في كلمتين ، لماذا أخرجتنا للناس يا رب؟{تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} آل عمران110

تؤمرون كلكم فأنتم جميعاً مكلفون أن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر والذي يقول"وأنا مالي" ، أو " ليس لي شأن ، فليست وظيفتي أو عملي " ؛ فهذا ليس له عذر يستطيع أن يعتذر به إلى الله ، لأن التكليف ممن يقول للشيء كن فيكون والتشريف والتعريف والإكرام يكون بسبب الصدق على هذا المنهج: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} الأحزاب23

صدقوا في هذا العهد ووفُّوا به ، فلا يجب أن يتنصل أي واحد فينا ويقول : أنا غير متحدث أو أنا غير متكلم لأن الدعوة إلى الله بالحال فوق الدعوة بالمقال ، وكل إنسان إذا أراد أن يدعوا إلى الله يمنحه الله الوسيلة التي يقرب بها الخلق إلى الله بشرط أن يصدق في طلبه تنفيذ مراد الله

لكننا مع الأسف نريد أن نهرب وإلى أين نهرب؟ ما ضمنه لنا الله ، فنحن مشغولون بالأرزاق التي تكفل بها وضمنها لنا الرزاق {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا}هود6

ليس على يدك أو مالك وليس على مهارتك وصنعتك ولكن على الله رزقها ، هذه الرسالة كلفنا بها الله عندما اختار الحَبيب ، وأنزل بها القرآن في زمانه وعصره وأوانه ولكنه عندما وجد أن الكل لن يقدر أن يقوم بهذه المهـمة ، دعا من يطلب المقامات العالية ومن يريد المنازل الراقية ، كأنه يقول: من يريد أن يكون مع الحبيب المصطفى؟ ومن يريد أن يكون من أهل الصفا والوفا؟ ومن يريد أن يكون في سجلات {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}الفتح29

من يريد أن يكون مع: {فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم} النساء69

من كان يريد أن يكون جليس رسول الله وفي جوار حَبيب الله ومُصطفاه؟ ويدخل في قول الحبيب الأعظم : "" أقربكم مني مجلساً يوم القيامة "" أي يكون فيمن حولي ، ماذا يفعل؟ تكون هذه مهمته ، ورسالته ولذلك ربنا بعد أن كلَّفنا كلنا قال في قرآنه: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} ، وهذه الجماعة ما الذي لها عندك يا رب؟ {وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} آل عمران104

فهم الذين خصهم الله بالفلاح والنجاح من هذه الأمة 

الجمعة، 19 سبتمبر 2014

الكاتب ابومعاذ | على12:29 م | لا يوجد تعليقات



إن أقصر طريق لنعيم الدنيا وعزة الدنيا وسعادة الآخرة ، أن يكون الإنسان من أهل الله الذين يأخذون بأيدي الخلق إلى حضرة الله جلَّ في علاه ، لماذا دعوة العارفين والصالحين اكتسبت مصداقية عند الناس؟

لأن هؤلاء القوم يقولون : أن الطبيب لا يحتاج الأصحاء ولكنه محتاج إلى المريض ، فالمسجد الذي نحن فيه الآن من الذي سيدخله؟ الأصحاء روحانياً وقلبياً ، والمرضى لن يأتوا إلى هنا فنذهب نحن إليهـم

فلا مانع أن نذهب للمقاهي ونجلس عليها لنردّ الناس إلى الله ، ولا مانع من أن أذهب للناس في مكان جلوسهم لأذكرهم بالله ولا تأخذهم العزة بالإثم أو العظمة ؛ لأنهم يريدون أن يردوا الخلق إلى الله عز وجل

وأذكر في هذا المجال أخاً من إخواني الصالحين السابقين وكان اسمه الشيخ عبدالسلام الغريب - رحمة الله عليه - وكان من النجباء في عهد الإمام أبي العزائم ، وأرسله الإمام إلى بور سعيد في شهر رمضان في الثلاثينيات فوجد إخوانه واضعين جدول لأداءه دروساً بالمساجد - كل يوم مسجد - فقال لهم :

لا حاجة لي بإلقاء الدروس فى المساجد ولكني أريد جدولاً بالمقاهي ويأتي معي واحد ، وبعد أن يصلي العشاء والتراويح في المسجد يذهب إلى المقهى ويجلس ويتكلم مع من معه بصوت عالٍ ، فيشد الحديث من حولـه فيتركون الطاولة ويسـمعون ويتركون الدمينو ويسمعون ويتركون الكوتشينة ويسمعون

وبعد قليل يسمع من بالمقهى بالكامل فيصعد على منضدة ويقف ويكمل الدرس إلى وقت السحور ثم يقول لهم هيا إلى السحور ، وهكذا يأخذهم من المقهى إلى الجامع لأن المريض يريد من يذهب إليه ، وكيف يأخـــذه؟ فلو قال له: ستدخل جهنم وسيحصل لك كذا وكذا ؛ فسيرد عليه بأنه ليس لك شأن بذلك

ولكن المريض يحتاج من يقول له : إن ربك رءوف ورحيم وكريم وحليم وعظيم وهذه مهنة الصالحين يأخذون الناس بالمودة والرحمة واللين إلى رب العالمين عز وجل ، وكان بعض الصالحين يجازف ويذهب لبعض العصابات التي تقطع الطريق ويتوب الله عليهم على يديه ويرجعون إلى الله على الرغم أن الناس في ذلك الوقت كانت تخاف أن تقترب من هذه الطرق خوفاً من هذه العصابات

لماذا يصنعون هذا الموضوع؟ لأنهم كانوا يريدون أن يأخذوا بأيدي هؤلاء الناس ليردوهم إلى الله : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً} فصلت33

فيعملون الأعمال الصالحة من أجل أن يكون كلامهم مؤثراً ؛ لأن الدعوة بالحال فوق الدعوة بالمقال ويؤثرون ويردون الشاردين والهاربين وفي النهاية يقولون : {وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فصلت33

حتى أنه لا يرى في نفسه أنه مؤمن ولكن بالكـاد مسلم ويرى أنه ما زال في أول الطريق لأنه يرى أن التوفيق من الله وكذلك يرى في نفسه أنه مؤذنٌ ، فالمؤذن الذي يؤذن لصلاة العشاء هل هو الذي يأتي بالناس؟ أم الله ؟ إنه يؤذن ، لكن من الذي يجمع الناس على المسجد ؟ الله ، فالمؤذن ينطق لكن من الذي يدعو؟ نسأل القرآن : {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ} لماذا يدعونــــا؟ {يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم} إبراهيم10

هل يريد الله شيء منا؟ أبداً ولكنه يدعونا ليغفر الذنوب ويستر العيوب ولكي يصحح لنا أحوالنا ويوجد لنا كل مطلوب ، وهذه عناية الله بعباده المؤمنين في كل وقت وحين ، ولذلك فكلُ المطلوب منَّا أن نذكّر عباد الله بنعم الله ، لأنها هي التي ستحبَّبهم في حضرة الله ،كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :{ أَحبُّوا اللهَ لما يغذُوكمْ بهِ منْ نعمِهِ}{1}

فأي إنسان ولو كان في عنفوان القوة أو في شدة الظلم والقسوة عندما يذكره أحد بنعم الله عليه تخضع جوارحه ويهتز قلبه ويلين فؤاده ويرجع إلى الله ، ولا تذكّره بالظلمات التي يرتكبها إلا بعد أن تذكره أولا : بأن نعم الله عليك كذا وكذا وكذا ، فيستحي من نفسه ؛ إذ كيف يواجه هذه النعم بهذه المعاصي التي تغضب مولاه عز وجل ن وهذا هو طريق الصالحين رضي الله عنهم أجمعين

فلو نظرنا لدين الإسلام من الذي نشره في كل بقاع الأرض؟ هؤلاء القوم ، فمن الذي ســافر إلى السـنغال وإلى الصومـال والسودان ومن سافر إلى نيجيريا وتنزانيا وغيرهـا من البلاد؟ من الذي سافر إلى هذه البلاد؟ هل سافر إليها من يريد عقد عمل؟ أو من يريد تحديد مرتبه ؛ كم سيأخذ في الشهر؟ بل إنهم كانوا يذهبون لله

وعندما يأتي الليل يبيت على أرض الله ويغطِّــيه الله بغطاءه وهنا تحدث الكرامات ، فلو نام في أرض ومكان به برد فيكيِّف الله له هذا المكان ويجعله وكأنه ينام في مدفأة ربانية إلهية ، ولو كان في وسط السباع والنمور وغيرها يحرسه الله بحراسته ويرسل إليه كتائباً من ملائكته يحرسونه من أمر الله فلا تقترب إليه هذه الأشياء وإذا اقتربت منه فيكون لالتماس بركته ورضاء الله

وذلك كما كان يحدث من الصالحين أجمعين في كل وقت وحين لأنه ذاهب لله وهو لا يريد هذه الكرامة ولا تخطر له على البال ولكنه يريد أن يؤدي الرسالة بأي وسيلة ، فلا يحمل معه بضاعة يتاجر فيها ويتكسب منها ولكن كل بضاعته هي الله ورسوله فليس معه بضاعة إلا كتاب الله

فهل ينفع أن يحمل واحد كتاب الله ومعه بضاعة أخرى؟ لا ينفع ، لأن بضاعة كتاب الله لا يوجد أغلى منها ولا ينفع حتى أن يبيعها لأنه مهما غلى الثمن فإنه يخشى قول الله :{يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً} آل عمران199

حتى إنه لا يريد من الناس أن تمشي وراءه لأنهم سيغرُّوه ويشيِّخُوه ، وهو يرى أن كل الأمر من الله وإلى الله وبفضل الله يجمع الخلق على حضرة الله ، هذااسمه التجريد .
والذي كان عليه النبي المجيد ، وعلَّم عليه أصحابه ؛ حتى أن الواحد منهم عندما كان يذهب لأي أمر من الأمور لا يريد أن يعرفه أحد


{1} الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 224 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح

الجمعة، 12 سبتمبر 2014

الكاتب ابومعاذ | على11:42 م | لا يوجد تعليقات
آداب الاختلاف 

أداب الاختلاف لدى الصحابة

 أدب الاختلاف في الإسلام
وبما أن الاختلاف ثابت بصفاء، ووارد بحسن نية، فلا شك أن له قواعد وآداباً، كانت قد تكونت واتبعت منذ إشرافة فجر الإسلام، وفي عهده الأول، أي في عهد رسول اللَّه  عليه الصلاة والسلام ، وعهد الصحابة، رضي الله عنهم، وعهد من تبعهم وتلاهم من حملة مشاعل الهدى وأعلام الفكر الإسلامي ودعاته.
ونجد الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى، رحمه اللَّّه، يرى أن مدلول كلمتي الخلاف والاختلاف واحد، ومع ذلك، قال:  >أن الخلاف بين المسلمين إلى ضروب ثلاثة، ضرب لا خطأ فيه وهو الخلاف في الاجتهادات، وضرب يقتضي الخطأ ولكن دون تكفير أو تفسيق، وضرب يقتضي التكفير، كالجبر والتجسيم، أوكخلاف الخوارج لسبهم علياً، عليه السلام، إلى آخر ما ذكره في أحد مؤلفاته الشهيرة<.
ويعلم من مصادر الرواية وكتب التاريخ والتراجم أن الاختلاف بين علماء الأمة الإسلامية كان قد ظهر منذ بزوغ شمس الإسلام، وأنه لا يعني التضاد والتعارض، كما لايعني التباين والتنافر، لأن الذي يجمعهم ويدعوهم للاتفاق أحادية العقيدة، المبنية على أصول تشريعية منزلة من عند اللَّه الواحد وعلى لسان نبي واحد، وبكتاب محكم محفوظ، وما الخلافات التي برزت وفي مجمل أنواعها وعلى مختلف مراحلها إلا نتائج أراء توصل إليها العلماء والفقهاء، حول نصوص أحادية ظنية، كما هي دليل اجتهادات وصل إليها الباحثون وأولو العلم، لهدف الوصول إلى العبادة الصحيحة، وأداء الفريضة بتحرٍّ ودقة، ولغرض التقرب إلى اللَّه جل جلاله، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ومن هذا المنطلق يتبين، أيضاً، أن الاختلافات الفقهية بكل أنواعها وعلى مختلف مراحلها الزمنية، إنما كوَّنت اختلافاً رحيماً، لايجر إلى كفر، ولا يشد إلى فسق، ولا إلى فصل وإخراج أحد من المِِِلَّة المحمدية، فكل مجتهد مصيب، وكلهم كما يقول الشاعر:
وكلهم من رسول اللَّهِ ملتمسٌ                رشفاً من البحِر أو غرفاً من الدّيمِ
 أنواع الاختلاف
الاختلاف بمعناه الشامل نوعان: أحدهما خطير: وهو الاختلاف المحظور الممقوت، ومنه ما هو غير محمود، ويندرج تحته الاختلاف في الأصول القطعية للتشريع الإسلامي، والعقيدة الإيمانية، كاختلاف الإسلام مع العقائد الكفرية، وكتصور المشبهة، وكاعتقاد المجبرة.
والثاني غير خطير: وهو الاختلاف الرحيم، وليس به بأس ولاضير، إذ أنه لايتجسد إلا في فهم النصوص الأحادية، وفي صحة سندها لفظاً ورواية، ويدور هذا الاختلاف حول المسائل والقضايا التالية:
 .1  المسائل الفقهية: وعلى غالب الأمر فإنه لا يبرز إلا في القضايا الاجتماعية، والمسائل الظنية، ولاسيما منها مسائل فروع العبادات وسننها وأشكالها، وبعض قضايا المعاملات، باعتبار أن  الاختلاف لدى العلماء وارد فيها، لعلاقته بفهم ونص الدليل. وقد وقع اختلاف بين مشاهير الصحابة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ، ومن بعده في كثير من المسائل، كما تكرر في عهد التابعين وتابعي التابعين من بعدهم، ومع الأئمة المجتهدين والمحققين، ومازال لدى من وصل إلى مرحلة الاجتهاد حتى عصرنا.
  .2 الاختلاف السياسي: وكان قد ظهر هذا النوع من الاختلافات عقب وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام ، وذلك حينما اختلف المهاجرون والأنصار في اختيار خليفة رسول اللَّه، ليقوم بأمر الأمة وشؤون المسلمين، حتى استقرت البيعة لأبي بكر الصديق، رضي اللَّه عنه، بمبادرة من عمر بن الخطاب، رضي اللَّه عنه، حسماً للخلاف الذي كان قد وصل بين الحضور من الصحابة إلى حد رفع الأصوات، ثم تلاه الخلاف بين الصحابة مع عمر فيمن يخلف عمر، في خلافته على المسلمين، حيث كان قد أوصى بها محدداً ستة أشخاص يختار كبار الصحابة أحدهم لخلافته. وتأتي الفتنة الكبرى حين استُشهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، رضي اللَّه عنه، من أوائل الاختلافات السياسية في تاريخ المسلمين، ومن أشدها أثراً على وحدة الأمة، كما يعتبر خروج معاوية بن أبي سفيان على إمامة الإمام علي بن أبي طالب، كرم اللّه وجه، من أكره وأبغض أوجه الاختلاف السياسي الذي حدث في صدر الإسلام، حيث جر إلى انقسام الصحابة آنذاك إلى قسمين، أغلبهم من تابع علياً، وأقلهم من لحق بمعاوية، كما أدى إلى خروج المسلمين عن الجادة، وفرق صفوفهم وجعلهم فرقاً متباينة، ونحلاً متشاكسة، ومذاهب مختلفة، وسار سوس الاختلاف ينخر في عظم الأمة الإسلامية، إذ انتقل من الخلاف المحمود إلى الاختلاف المذموم. واعتبر لدى بعض الشيعة اختلافاً في أصل من أصول التشريع، وهي الإمامة لنصوص رويت في خلافة الإمام على، ومن الصحابة من اعتبره خلافاً سياسياً، وبأي مقياس، فإن ذلك الاختلاف قد  أحدث ثلماً في وحدة الأمة الإسلامية، حيث جر إلى أنواع من تصدع وانقسام في صفوف المسلمين، ينهى عنه الإسلام بل يحرمه تحريماً قطعياً. وهناك أنواع من الاختلافات السياسية، ومردها الاجتهاد في نوعية الحكم في الإسلام، ولكنها مقبولة تحت أي مسمى، مادامت ملتزمة بحدود النصوص التشريعية، وفي إطار وظيفة الدولة الإسلامية.


الحقبة الأولى: الاختلاف في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ، وقد حدث بين الصحابة، رضي اللَّه عليهم، ولكنه سرعان ما كان يحسم الأمر فيه، بموافقته  عليه الصلاة والسلام ، عليه أو نهيه عنه، وعلى سبيل المثال: الحديث المروي عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: سمعت رجلاًً قرأ آية سمعت من رسول اللَّه خلافها،  فأخذت بيده، فأتيت به رسول اللَّه  عليه الصلاة والسلام ، فقال: "كلاكما محسن"، قال شعبة: "أظنه، قال: "لا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا"، ومن مفهوم هذا الحديث نستخرج: أن الاختلاف بين الصحابة حدث، وإنه لمجرد الخلاف أمر غير محمود، بل ومنهي عنه، كونه يؤدي إلى التفرق وشق عصا الإسلام، ويؤثر على وحدة صفوف المسلمين.
الحقبة الثانية: الاختلاف في عهد الخلفاء الراشدين والصحابة من بعدهم، وكانت هذه الحقبة قد ظهرت لحظة لحاقه عليه الصلاة والسلام ، بالرفيق الأعلى وعقب وفاته، كما امتدت حتى نهاية القرن الأول للهجرة النبوية، حيث ظهرت فيها بين الصحابة اختلافات متعددة، ومتنوعة: ومنها ما كان ذا علاقة بذات النص النبوي الأحادي، ومنها ما تعلق بفهم الصحابي لمضمون النص، ومنها ما سار عليه الصحابة في أداء العبادة والسنن، ومنها ما كان ذا صلة بالاختلاف السياسي والمصالح الشخصية، وأغلبها كانت تحل بالعودة إلى الدليل مع التحري في صحته، أو التسليم بموقف الجماعة، ومثلنا على ذلك: موقف عبد اللَّه بن مسعود، رضي اللَّه عنه  من الصلاة في منى، حيث كان رسول اللَّه عليه الصلاة والسلام ،  وأبوبكر وعمر وصدر من خلافة عثمان يصلونها ركعتين قصراً، ثم صلاها عثمان أربعاً، فلما بلغ ابن مسعود ذلك استرجع ثم قام فصلى أربعاً، فقيل له استرجعت يابن مسعود ثم صليت أربعاً؟، فقال: الخلاف شر، وهناك أمثلة كثيرة ترد في مكانها.
الحقبة الثالثة: وكانت هذه الحقبة قد ظهرت في مطلع تحول الخلافة الإسلامية إلى ملك عضوض، واستمرت حتى فترة الجمود الاجتهادي، أي عصر مابعد عهد الصحابة وأوائل التابعين، وتلك الحقبة الثالثة كانت قد عرفت بزمن الاجتهادات الفقهية وتعددها، وتكاثر الآراء الفلسفية والفكرية فيها، لكنها كانت على إجمالها، وفي بعض أشكالها اختلافات محمودة، أثبتت سَعةَ الدين الإسلامي، وصلاحيته لكل عصر، حيث ارتبطت حركة الاجتهاد بالعقل، والأخذ بالدليل مع التكيف بعوامل انتشار الإسلام، وظهور علوم جديدة جدة ذلك العصر، اعتبرت في نظر الكثيرين من علماء الإسلام وأئمته علوماًً هامة يجب العلم بها، وتعلمها، كما أصبحت معرفتها ضرورة لتوسيع مدارك المتعلمين وتوسعة معارفهم، لفهم مكامنها والاستفادة منها في تقوية شوكة الإسلام، وللدفاع بها عن جذوته، وصلاحيته لكل عصر، بخاصة وقد كانت هناك مبررات وأسباب أخرى أتاحت فرص وجودها على الساحة الإسلامية كلها، كما كانت هي ومعارفها في حد ذاتها سبباً في اختلافات المسلمين  وتعدد مذاهبهم الفكرية والفقهية، وحتى حياة المسلمين اليوم.
الحقبة الرابعة: وهي الحقبة العصرية: وكانت قد بدأت عقب انحسار الاجتهاد الفقهي، في معظم الساحة الإسلامية، وقصره على بعض الأئمة المشاهير، وتمتد تجاوزاً حتى زماننا الذي نحياه، وهي الحقبة التي مال فيها الأغلب من علماء المسلمين ومفكريهم إلى التقليد الأعمى، والتقوقع على المنقول، إلا من توفق وبرز إلى قمة المعرفة. ولعل من أبرز وأهم أسباب تنوع وزيادة المسائل الخلافية فيها، لدى المجتهد ين المتأخرين، وهم قلة، يعود مردها إلى تنوع العلوم وتعدد مناهجها، وتعدد المدارس الفكرية فيها، وأخيراً إلى انتشار المذاهب الديالكتيكية الجدلية، ومصاحبتها لتهور كبير من قوى الاستكبار، بغرض خلخلة قواعد وأصول التشريع الإسلامي، في محاولة للنيل من الإسلام، والتشكيك في صلاحية كيانه، وقدرته على حلول المشكلات، وتحديات العصر التي تواجه المسلم، ديناً وكياناً، مما كان له أثر بالغ لدى جانب من الجهلة الذين ينتسبون إلى الإسلام، حتى ألصق به ما لا يحتمله، وتم وصفه بما ليس فيه، مما مكن الفئة الجاهلة من تقبل الأفكار الهدامة، وجعلها في مراكز القادرين على تشويه القيم والمقدسات الإسلامية الجليلة،واصبح بعض المسلمين يحتكرون الاسلام واصبحو اوصياه عليه وانهم هم على الصواب ومن خافهم من المسلمين من الفسه الضالين وتلك محاولة من أعداء الإسلام، الذين استهدفوا ومنذ زمن بعيد، بجهد الخاسر طمس الهُوِيَّة الإسلامية، مستعملين شتى الأساليب ومختلف الوسائل، لحجب شمس الإسلام ونشر الجهل في صفوف المسلمين، وتشويه دوره في بناء الحياة كلها لصالح البشرية أجمع، {ويأبى اللَّه إلا أن يُتمَّ نورهُ ولوكره الكافرون} (سورة التوبة، من الآية: 32).
اختلاف المسلمين رحمة من اللَّه
روي في الحِلْية، والمدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي، عن القاسم بن محمد أنه قال: كان اختلاف أصحاب محمد رحمة لهؤلاء الناس (وجاء التعبير بالرحمة في قول الإمام مالك للرشيد) وأن اختلاف العلماء رحمة من اللَّه على هذه الأمة، وقد ورد القول على ألسنة علماء ومحدثين قولهم: "إن اختلاف هذه الأمة رحمة من اللَّه لها، كما أن اختلاف الأمم السابقة كان لها عذاباً وهلاكاً، ولأئمة الشريعة الإسلامية وفقهائها أقوال كثيرة حول الاختلاف. ويرى العلامة القسطلاني المتوفى سنة 923 هـ  في "المواهب اللدنية" أن الاختلاف من خصائص هذه الأمة المحمدية: حيث يقول: >إجماعهم حجة، واختلافهم رحمة<، وحكى الشيخ ابن تيمية، رحمه اللَّه، في مجموع الفتاوي عن أحد العلماء ولم يُسَمّه أنه كان يقول: "إجماعهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة". وقد وجدت هذه المقولة الطيبة الصادقة في كلام ابن قدامة في مقدمة كتابه: >المغني<، وكان عظماء رجالات السلف ينظرون إلى اختلاف الأئمة أنه توسعة من اللَّه تعالى ورحمة منه بعباده المكلفين غير القادرين بأنفسهم على استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها الأساس . ويقول القاسم بن محمد بن أبي بكر، أيضاً: لقد نفع اللَّه باختلاف  المسلمين أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ، في أعمالهم، لايعمل العالم بعمل رجل منهم إلا رأى أنه في سَعَةٍ، ورأى أن أخاً خيراًً منه قد عمله، وروى ابن عبد البر: ماذكر مسنداً أن عمر بن عبد العزيز، قال: >ما أحب أن أصحاب رسول اللَّه عليه الصلاة والسلام ، لم يختلفوا، لأنه لو كانوا قولاً واحداً كان الناس في ضيق، وإنهم أئمة يقتدى بهم، فلو أخذ رجل بقول أحدهم كان سَعَةً< . وقال الإمام السيوطي، رحمه اللَّه، في أوائل رسالته: >جزيل المواهب في اختلاف المذاهب<: فصل (اعلم أن اختلاف المذاهب في هذه الملة نعمة كبيرة وفضيلة عظيمة، وله سر لطيف أدركه العالمون، وعَمِِيَ عنه الجاهلون، حتى سمعت بعض الجهال يقول: النبي عليه الصلاة والسلام ، جاء بشرع واحد، فمن أين مذاهب أربعة ؟! ، إلى أن قال: فعرف بذلك أن اختلاف المذاهب في هذه المِلة خصيصة فاضلة لهذه الأمة، وتوسيع في هذه الشريعة السمحة السهلة، ومن سَعَتِها أنه وقع فيها التخيير بين أمرين، شرع كل منهما في ملة كالقصاص والدية، فكأنما جمعت الشرعين معاً، وزادت حسناً بشرع ثالث: وهو التخيير الذي لم يكن في إحدى الشريعتين. ومن ذلك مشروعية الاختلاف بينهم في الفروع، فكانت المذاهب على اختلافها كشرائع متعددة كل مأمور به في هذه الشريعة، فصارت هذه الشريعة كأنها عدة شرائع بعث بها النبي  عليه الصلاة والسلام ، بجميعها، وفي ذلك توسعة زائدة لها، وفخامة عظيمة لقدر النبي عليه الصلاة والسلام ، وخصوصية له على سائر الأنبياء، حيث بعث كل منهم بحكم واحد، وهو بعث  عليه الصلاة والسلام ، في الأمر الواحد بأحكام متنوعة يحكم بكل منها، وينفذ، ويصوب قائله، ويؤجر عليه، ويُقتدى به، ويؤكد علماء سابقون أن الاختلاف يفتح الآفاق ويُعمل العقل، ويُثري الفكر ويزيد في محصلات العالم والمتعلم على السواء.
 وهناك من العلماء ممن يرى أن الاختلاف غير مشروع، مستدلين بآيات وأحاديث صحيحة تبين أن طريق التشريع واحد، وأن الاختلاف منهي عنه، ولنا أن نسلم بذلك عند وضوح النص وثبوت الدليل، فإذا كان غير كذلك، فإن الاختلاف وارد حتماً ولاضير فيه، وإذا ثبت وجود دليلين صحيحين حول قضية واحدة فإنه يجب الترجيح، والأخذ بالأحوط، سنداًً ورواية ودراية، حتى لا تضيق السبل، أو نضلَّ الهدى، وإذا علمنا أن الدين الإسلامي دين يسر واتفاق، لادين عسر وافتراق، فإن الرحمة في الأثر تعني استخدام العقل وإعمال النصوص التشريعية إعمالاً ينسجم مع رحابة الدين الإسلامي، ولهذا التزم العلماء المبرزون منهج الاجتهاد، والدعوة إليه، في الوقت الذي أوجبه آخرون، وفق قاعد اصطلاحية وأسس مسلم بها ومتفق عليها، كما أغلق الجميع باب التكفير والتفسيق إلا بدليل قاطع، ولذلك أتت ثمار الاختلاف طيبة هنيئة، لتؤصل روح التسامح، وتعمق رحابة الدين الإسلامي الواحد، ولتؤكد رفض الشريعة للتعصب والجمود أو التشدد، مع الالتزام بترك التضاد والتباين والتدابر بين الفرق الإسلامية، عملاً بدليل الكتاب والسنة في رفض التفرق في جوهر الإسلام وعلاقات الأخوة الإسلامية، وما يصلح أمر الأمة المحمدية.
ويؤكد علماء الشريعة الإسلامية أن الاختلاف إذا ما وجد، فإن له ضوابط وقواعد يجب الأخذ بها ومراعاتها عند افتراضه،ومنها:
.1 أن يكون لكل من المختلفين دليل مقبولٌ يصح الاحتجاج به.
.2 ألا يؤدي الأخذ بالرأي المخالف إلى محذور أو باطل.
.3 ألا يستند الاختلاف إلى نص ظني معارض للنص القطعي.
آداب الاختلاف لدى الصحابة
يتبين الباحث المدقق من خلال النصوص التشريعية، ظنية كانت أو قطعية، متواترة أو أحادية، ويتوصل من واقع المرويات عن الصحابة، رضي اللَّه عليهم، أن اختلاف الصحابة كان في مجمله اختلاف تشاور فيما بينهم، وتناصح لما يصلح أحوالهم، وليس اختلاف تباين أو تقاطع، ولم يثبت نقلاً صحيحاً أن فيه اختلافات المتأخرين، وأنه لم يكن في أي حالة من الحالات مطية أو مطلب  أحد، ولا مقصد أي فرد منهم، كما هو حتى في ذات الحين لم يكن مطلب أحد من التابعين ومن تبعهم من أئمة العلم وفقهائه، وما الاختلافات الفقهية، والتعددية المذهبية، الثابتة حتى يومنا إلا نتاج آراء، وحصيلة اجتهادات، كانت قد تكونت وتكومت بعد عصر الصحابة، رضي اللَّّه عنهم، وبسبب إخضاع النصوص الظنية للفهم وإعمال الرأي بغرض استنباط الدليل منها. أما ظهور الاختلافات في عهد الصحابة، فليس إلا قبل علمهم بالدليل أو التوصل به، وبعده لا وجود للاختلاف الفقهي بينهم، لذلك تجد الاجتهادات التي ثبتت عنهم في الإطار الفقهي، كانت قد سارت وفق قواعد معتبرة مليئة بالآداب الفاضلة، كما بعدت عن التعصب للرأي المناوىء للقواعد الإسلامية، ومن أهم تلك الآداب مايلي:
أولاًً: الالتزام بآداب الإسلام في التقاط أطيب الكلام وأحسنه، والتحلي به.
ثانياً: ألا يكون الاختلاف مقصوداً لذاته، مع جعله في أضيق الحدود، وبعيداً عن المرِاء والجدال... .
ثالثاً: التخلي عن العمل بالرأي والاجتهاد عند العلم بالدليل وثبوت صحته، "وقبول الحق ممن جاء به مع الرضاء والتسليم".
رابعاً: عدم الجمود والتشدد في التمسك بالرأي، وما وصل إليه الفهم، وتغليب نفسية التصافح والتسامح والتغافر، ومن ثم البعد عن التشفي وأساليب التعيير والتوبيخ والانتقام.
خامساً: الاعتراف بالخطإ دون شعور بالغضاضة، مع " البعد عن وسائل التشقيق والشغب".
 لذلك وصفوا بأنهم كانوا وقََّافين عند النصوص التشريعية، وإعلام الآخرين بها، مستجيبين للحق، ومستحضرين نية الوفاء عهد اللَّّه في تبيين الحق وعدم كتمانه، وإحياء العمل به، كما ينبغي له، وكانوا شديدي الاحترام لأهل العلم والفضل والفقه، كما كانوا مثالاً لإكرام كبرائهم وفقهائهم، لا يجاوز أحد فيهم قدر نفسه ولايغمط حق أخيه، وكل منهم يرى أن الرأي مشترك،. كما كان من آدابهم التسليم للحق وبالحق، مع التمسك بالأخوة الإسلامية، والدعوة لها قبل الاختلاف، وما نظرتهم إلى استدراك بعضهم على بعض إلا من باب المعونة والمشورة، يقدمها المستدرك منهم لأخيه، وليس نقداً يصوبه عليه، لأنه لا سياسة لهم دنيوية إلا  نشر الدعوة، وإلا نصرة الرسالة النبوية، بأسلوب عقلاني حضاري مجرد عن هوى النفوس، في صحة عقيدة وإخلاص نية، وصدق أداء وحسن عمل، نصحهم لعالمهم وأجرهم لأخيهم وزميلهم، وقّافون عند الشبهات، حذرين من الدسائس، آدابهم وسماتهم عند الاختلاف آداب الإسلام، لا تفارقهم حين الدعوة إلى الحق، ولا يتجردون عنها حين الأخذ والرد، لذلك كانت المسائل والقضايا الخلافية بينهم محدودة ومعدودة، لم تتجاوز مسائل الرأي والاجتهادات الفرعية، أذكر نزراً منها للدلالة فقط.
بعض المسائل الفرعية والقضايا الاجتهادية التي اختلف فيها الصحابة.
 بالرغم من تحاشي الصحابة، رضوان اللَّه عليهم، الاختلاف فيما بينهم، ونفورهم عنه وميلهم إلى التمسك بالدليل واقتدائهم وتأسيهم بسيد المرسلين محمد عليه الصلاة والسلام ، وبالرغم من سعيهم الجاد لمعالجة وتدارك قضايا الاختلاف في الرأي، فإنهم كانوا يستسلمون للدليل الصحيح، وإذا كان الاختلاف قد  وقع في عهد الرسول الأعظم  عليه الصلاة والسلام ، فكيف لايختلفون بعده، سيما والاختلاف في المسائل الظنية، والقضايا الاجتهادية تكاد تكون سنة فطرية وطبيعة فردية، ولذلك وجدت له سلوكيات وآداب، تمسك بها الصحابة، فجعلت منه محكاً لتلاقح الأفكار وتوسعها وتكاملها، بما يرأب الصدع ويجمع الشتات، ويحفظ للدين جذوته وشوكته، وتثبت كتب التراجم والسير أن الصحابة الراشدين، رضوان اللَّّه عليهم، سايروا ذلك الاختلاف بروح عالية وقدرات إسلامية فائقة، وأخلاق فاضلة ونبيلة، أثبتت أن اختلافهم في كثير من المسائل كان ذات صلة بميادين ترجيح الرأى، وقضايا إعمال العقل، وفي  جوانب حياتية متعددة وقضايا عرفية متنوعة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: ما حدث عقب انتقال الرسول  عليه الصلاة والسلام ، إلى الرفيق الأعلى، مباشرة كالمسائل التالية :
.1  حقيقة وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام ، حيث أصر عمر بن الخطاب أنه  عليه الصلاة والسلام ، لم يمت، واعتبر الخبر إرجافاً من المنافقين، وامتطى سيفه منفعلاً متوعداً، حتى جاء أبوبكر، رضوان اللَّه عليهم، وقرأ على الناس الحضور قول اللَّه تبارك وتعالى: {وما مُحَمَّدٌ إلا رسول ٌقد خلتْ من قبلهِ الرسلُ  أفإن  ماتََ أو قُتِلَ انقلبتُم على أعقابكم ومَنْ ينقلبْ على عَقبيهِ فلن يَضُرَّ الله شيئاً وسيجزي اللهُ الشاكرين} (سورة آل عمران، الآية: 144)، وقول اللَّّه تعالى: {إنك ميتٌ وإنهم لميتون} (سورة الزمر، الآية: 30)، فسقط السيف من يد عمر، رضي اللَّه عنه، واستيقن أن الرسول عليه الصلاة والسلام ، قد مات، كما استيقن انقطاع الوحي.
.2 اختلافهم في دفنه عليه الصلاة والسلام ، فمن قائل ندفنه في مسجده، ومن قائل ندفنه مع أصحابه، وصار الأمر في أخذ ورد، وحين ظهر أبوبكر عليهم، روى حديثاً كان قد سمعه، حيث  قال: إني سمعت رسول اللَّّه يقول: >ماقبض نبي إلا دفن حيث قبض<. فسلم القوم، ورفع فراش رسول اللَّه  عليه الصلاة والسلام ، الذي توفي عليه، وحُفرََ له تحته، وهذان أمران كانا قد أزيل الاختلاف فيهما بعد الرجوع إلى كتاب اللَّه في القضية الأولى، وإلى الحديث النبوي الشريف الذي رواه أبوبكر، رضي الله عنه، في القضية الثانية.
.3 اختلافهم في خلافة رسول اللَّه  عليه الصلاة والسلام ، وفي من تكون؟، أفي المهاجرين أم الأنصار؟ وصار في الأمر ما صار، كما حكته كتب التاريخ، وذكره الرواة والمحدثون، فقال عمر بن الخطاب: "فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى تخوفت الاختلاف، فقلت ابسط يدك يا أبا بكر، فبايعته، ثم بايعه المهاجرون والأنصار، وتدافع الناس لمبايعته" هكذا استطاع الصحابة، رضوان اللَّّه عليهم، حسم الخلاف بينهم، حفاظاً على جذوة الإسلام، ومضى المسلمون قدماًً برسالة الحق إلى حيث شاء اللَّه لها أن تنتشر وتعلو، ومن
الاختلافات ما حدث في عهد الخلفاء الراشدين وبينهم، ومن ذلك مايلي:
أ)  اختلافهم حول قتال مانعي الزكاة، وبالحوار الإسلامي، وبفضل إيمانهم القوي وتسليمهم بوحدة الدعوة، وتحليهم بصدق النية وسلامة الطوية مع قوة في العزيمة تمكنوا من وأد الاختلاف بالوصول إلى اتفاق كل الصحابة على قتال مانعي الزكاة. أخرج ابن عساكر عن أبي رجاء العطاردي، قال: أتيت المدينة، فإذا الناس مجتمعون، وإذا في وسطهم رجل يقبل رأس رجل، ويقول: أنا فداك ! لولا أنت هلكنا، فقلت: من المقبل؟ قال ذاك عمر بن الخطاب، رضي اللَّّه عنه، يقبل رأس أبي بكر، رضي اللَّه عنه،  في قتال أهل الردة الذين منعوا الزكاة .
ب) وبروح من الإيمان القوي ولتوحيد الرأي خدمة للإسلام، تمكن الصحابة من الاتفاق بعد اختلاف حول قتال المرتدين ردة كاملة. تلك من الأمثال على الدالة على ثبوت الاختلاف على المستوى الجماعي، وهناك قضايا ومسائل غيرها.
  أما وجود الاختلاف على المستوى الثنائي بين بعض فقهاء الصحابة، رضوان اللَّه عليهم، فمن ذلك ما يأتي.
أولاً: اختلاف عمر وأبي بكر في نحو من ثلاثين مسألة وقضية، ومنها: ما سأشير إليه على سبيل المثال فقط ( حتى لايطول العرض) التالي:
.1 سبي أهل الردة، فأبو بكر سبا أهل الردة، وعمر نقض الحكم.
.2 مسألة قسمة الأراضي المفتوحة.
.3 مسألة المفاضلة في العطاء.
.4 مسألة الاستخلاف، فإن عُمَر كان يرى الاستخلاف، بينما كان أبو بكر لايرى ذلك. ولقد كان لكل واحد منهما رأيه واجتهاده الذي وصل إليه، وتمسك به، ولذلك نفذ كل منهما رأيه في عهده في المسائل التي ذكرتها.
وهناك مسائل خلافية أخرى ورد ذكرها في الموطأ، فمن أراد الإلمام بها فليرجع إليه وإلى كتب الحديث والسير الأخرى.
ثانياً : اختلافات عمر مع عبد اللَّه بن مسعود حول مسائل فقهية عديدة، يذكر ابن القيّم: (إن المسائل الخلافية الفقهية التي بلغت بين ابن مسعود وعمر نحو مائة مسألة)، وذكر، منها أربع، وهي:
.1 مسألة أم الولد وموضوع عتقها من نصيب ولدها.
.2 موضوع التطبيق في الصلاة، حيث كان ابن مسعود يطبق، وعمر يضع اليدين على الركبتين.
.3 موضوع اليمين: هل هي طلقة، أم يمين، فعمر يقول: إنها طلقة، وعبد اللَّه بن مسعود يرى: خلاف ذلك.
.4 مسألة زواج الرجل بزانيته، فعمر يأمر الزاني أن يتزوج التي زنى بها، وابن مسعود يرى أنهما مايزالان زانيين.
ثالثاً: اختلاف عمر مع بعض أفراد الصحابة، حول دية الطفل التي جاء أمه الطلق عندما دعاها عمر، عقب مقولات حكيت عنها في غياب زوجها، حيث قال عمر: إنه لادية عليه وقال آخرون يحملُ الدّيه عمر، حتى سئل علي،  كرم اللَّّه وجهه، فأجاب قائلاً: >إن على عمر حملُ الدّيةَ<، وبقول الإمام علي، عليه السلام،  أخذ عمر بن الخطاب، رضي اللَّّه عنه، دون غضاضة أو تردد، (والقصة مشهورة).
رابعاً: اختلاف الإمام علي،  كرم اللَّّه وجهه، مع الخليفة عثمان بن عفان، رضي اللَّّه عنه، وذلك في مسألة القرآن في الحج، حيث بنى بها علياًً قاصداً معلناً، بينما عثمان يرى خلافه.
خامساً: اختلاف أبي موسى مع الإمام علي، عليه السلام، حول مسائل، ومنها امتناعه من تبعيته ومن حضور مشاهده.
سادساً: اختلاف أم المؤمنين عائشة وابن عباس في رؤية النبي عليه الصلاة والسلام ، للَّه عز وجل ليلة المعراج، وأن جمهور الأمة على قول بن عباس، مع أنهم لايبدعون المانعين الذين وافقوا أم المؤمنين، واختلافها في سماع الأموات دعاء الأحياء، ولا ريب أن الموتى يسمعون خفق النعال، كما ثبت عن رسول اللَّّه عليه الصلاة والسلام ، وهناك مسائل عديدة يصعب سردها أو تبيان أنواعها كاملة في هذا المداخلة، وتجدها مفصلة في مراجع هذا البحث، وغيرها من كتب السير والتراجم وكتب الفقه، وبالرغم من كثرة المسائل المختلف فيها، فإن ذلك الاختلاف لم ينقص من حب أحدهم لصاحبه، ولا أضعف من تقدير ومودة لأي منهم، وفيما يلي بعض مما وصف الصحابة به بعضهم البعض.
 وصف الصحابة لبعضهم البعض
من المعلوم من سير الصحابة، رضوان اللَّه عليهم، ومما روي عنهم، في كتب التراجم والسير: عدم التأثيم والتخطئة للمخالف فيما اختلفوا فيه من المبرآت وغيرها، كما أن أحدهم لم ينقض حكم الآخر في  حياته، بالرغم من اختلافهم في المسائل الظنية الاجتهادية، وما نقل عن علي وزيد في تخطئة ابن عباس في ترك العول، وانه خطأهم فيه، حينما قال: من باهلني باهلته، إن اللَّّه لا يجعل في مال واحد نصفاً ونصفاً وثلثاً، فإنما هو على كون كل واحد لم يهتد إلى الأمارة التي عند مخالفه، وأنها لديه أقوى دلالة على الحكم. وهذه المسألة هي الوحيدة التي احتملت على التخطية، وبما يحتمله القول والكلام، فإني لم أجد للتخطئة فيها ريحاً، ولا للتأثيم تلميحاً، ولربما حُمِِلََ على التشدد في الرأي، والتمسك بالاجتهاد، لذلك لايعتبر قول ابن عباس حجة، في أن الصحابة كانوا يخطئون المخالف ويحكمون بتأثيمه، لما روي عنهم من سلوك إسلامي مثالي، في الحوار والأخذ بالدليل، ولثبوت أن كل مجتهد مصيب، ولو كان الأمر كما احتمله الآخرون، لما ثبت تعظيم بعضهم البعض قولاً وعملاً، ولما ملئت كتب التراجم والحديث بما مدح به بعضهم بعضاً. وفي مجال وصف بعضهم البعض بأحسن ما يقال،  حكى الإمام الهادي ابن إبراهيم الوزير، في كتابه المعروف بتلقيح الألباب في شرح أبيات اللباب، وما نظمه، أيضاً، في قصيدته المشهورة بالبسامة أن علياًً، عليه السلام، كان يترضى على الخلفاء، رضوان اللَّه عليهم، كما ذكر الإمام أحمد بن يحيى المرتضى، في كتابه يواقيت السير شرح كتاب الجواهر والدرر، "أنه حين مات أبو بكر، رضي اللَّه عنه، قال علي، عليه السلام،: >رضي اللَّّه عن أبي بكر، واللَّه لقد كان بالناس رؤوفاً رحيماً<،  وروى أئمة الحديث والسير عن أمير المؤمنين علي،  كرم اللَّه وجهه، أنه كان يترضى على الصحابة ويترحم عليهم، ويمدحهم ويبالغ في الثناء عليهم، ومما يدل على التسامح والوقوف مع الحق ما أخرجه البيهقي في سننه، عن أبي حبيبة مولى طلحة، رضي اللَّه عنه،  قال: دخلت على علي، رضي اللَّه عنه،  مع عمران بن طلحة بعدما فرغ من أصحاب الجمل، قال: فرحب به وأدناه، وقال: إني لأرجو أن يجعلني اللَّه وأباك من الذين قال اللَّه عز وجل: {وَنزَعْنا ما في صدورهم من غِلٍ إخواناً على سُررِ متقابلين} (سورة الحجر، الآية:47)، وعن جعفر بن محمد عن أبيه، قال: قال علي، رضي اللَّه عنه: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال اللَّه في حقهم وذكر الآية ، ومنها ما أخرجه البيهقي، أيضاً، عن أبي البحتري قال: سئل علي، رضي اللَّه عنه، عن أهل الجمل أمشركون هم؟ قال: من الشرك فروا، قيل: أمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون اللَّه إلا قليلاً، قيل: فما هم؟ قال: إخواننا بغوا علينا. وبنفس الروح الإسلامية الطيبة، يأتي قول عبد اللَّه بن مسعود، لقد علم أصحاب رسول اللَّه  عليه الصلاة والسلام ، أني أعلمهم بكتاب اللَّه عز وجل، ولو أعلم أحداً أعلم به مني لرحلت إليه.
ومنها ما روي عن ابن عباس، رضي اللَّه عنهما، أنه لزم بركاب زيد، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقبل زيدٌ يده، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا، إلى غير ذلك من المواقف المصحوبة بعبارات الثناء والمدح من الصحابة لبعضهم البعض، كثناء عمر بن الخطاب على الإمام علي، كرم الله وجهه، في أكثر من موقف وأكثر من مناسبة،  ويزنها قولا أبي بكر وعمر كل بمفرده : لولا علي لهلك أبوبكر، ولولا أبو الحسن لهلك عمر، أو كما روي، وكذلك ثناء الإمام علي على الخليفة عمر بن الخطاب، ووصف عبد اللَّه بن مسعود لعمر في أحد أوصافه له، إذ قال: إنه كان للإسلام حصناً حصيناًً، يدخل الناس فيه ولايخرجون منه، فلما أصيب عمر انثلم الحصن، وكان عمر يصف عبد اللَّه بن مسعود بأنه >كنيفٌ مليء فقهاً وعلماً، هكذا كانت نظرة عمر لابن مسعود بالرغم من ثبوت اختلافهما في مسائل اجتهادية كثيرة جداً، وروي أن ضراراً وصف الإمام علي أمام معاوية بن أبي سفيان وصفاً جليلاً يستحقه حتى بكى معاوية، والقصة معروفة والوصف مشهور نقُلا في أكثر من مصدر.
ويجسد الإمام علي، كرم اللَّّه وجهه، أدب الاختلاف الإسلامي في قوله عن خصمائه بعد وقعة الجمل حين وصفهم بقوله المشهور: >إنهم إخوة بغوا علينا< فلم ينفِ أخوتهم الإسلامية، ولم يكفرهم بالرغم من خروجهم عليه، وإشهارهم السلاح ضده. وموقف آخر حين أتى أحد أفراد القوم: فنالَ من أم المؤمنين عائشة، رضي اللَّه عنها، بمحضر عمار بن ياسر الذي كان على غير موقفها يوم الجمل، فيقول، رضي اللَّه عنه،: اسكت مقبوحاً، أتؤذي محبوبة رسول اللَّه، فأشهد أنها زوجة رسول اللَّه في الجنة، لقد سارت فينا أمنا عائشة مسيرها، وإننا لنعلم أنها زوجة النبي عليه الصلاة والسلام ، في الدنيا والآخرة، ولكن اللَّه ابتلانا بها ليعلم آية نطيع أم إياها. وكذلك كان اختلافهم، كله آداب، وكله حكمة، وأي أدب بعد هذا الأدب وأي وصف أليق بهذا الوصف، وأمثاله كثيرة محشورة في المسانيد وغيرها. قال القاضي يحيى بن سعيد الأنصاري أحد التابعين:(ما برح أولو الفتوى يفتون، فيحل هذا ويحرم هذا، فلا يرى المحرم أن المحل هلك لتحليله، ولايرى المحل أن المحرم هلك لتحريمه)، وليعلم الناشئة وغيرهم أن الاختلاف لدى  الصحابة، رضوان اللَّه عليهم، لم يفسد للود بينهم قضية، ولا حتى كان يتجاوز زمن الموقف، ولاحين الحوار، وتلك هي أخلاق المسلم الصحيح في الحوار، كما هي سمة المؤمن القوي عند الجدل وتبادل الرأي. ومن تلك البراهين عن اختلافات أصحاب رسول اللَّه عليه الصلاة والسلام ، نقتبس النهج السليم،  وبالهدي النبوي نخطو الطريق القويم، فلنا في رسول اللَّه وآل بيته المطهرين وأصحابه الراشدين نقتفي حتى نصل إلى الحق، بإيمان قوي وطرائق مقبولة عند رب العزة جلت قدرته، وأختتم هذه المداخلة المتواضعة بمايلي:
 الخاتمة :
 في ضوء ما تقدم حول الاختلاف لدى الصحابة، رضوان اللَّه عليهم، وفي إطار آداب الحوار الإسلامي المبني على الدليل الصحيح، والحكمة والحقائق التاريخية، يتبين أن الاختلاف بين أئمة وفقهاء علماء الإسلام لم يثبت إلا في المسائل الظنية، وفيما التبس فيه نص ومفهوم الأحاديث الأحادية، وبخاصة منها ما احتمل الرأي الفردي والاجتهاد الفكري، كون الاختلاف فيما ثبت قطعياً وهو القرآن الكريم، والأحاديث المتواترة، وما ثبت صحة سنده من أحاديث الآحاد، يُعَدُّ خروجاً عن الجادة الإسلامية، التي هي طريق الحق والإيمان، تلك الطريقة هي التي التزمها وسار عليها الصحابة الراشدين، رضوان اللَّه عليهم، وتمسك بها جمعهم، وبما أن الصحابة كانوا أشد الناس حرصاً على تطبيق الشريعة الإسلامية، كما وردت وأنزلت، ومعنيين بالتبليغ بها، كونهم من أوائل الشهداء على الناس بعد الرسول عليه الصلاة والسلام ، فقد ثبت أن اختلافهم في الرأي كان مبنياً على أسس الأخلاق الإسلامية وسلوكيات الدعوة المحمدية، تمسكاً وحفاظاً على نقاء الشريعة المطهرة، واتباعاً لنهجها السليم والدعوة إلى اللَّه، بالكلمة الطيبة، والقول الحسن، وبما يجمع كلمة المسلمين، ويلم شملهم، على الحق  ومعه أينما كانوا وحيثما حلُّوا. وتثبت مراجع التاريخ الإسلامي، وتراجم رجاله، وكتب الرواية والدراية أن مجمل الصحابة، رضوان اللَّه عليهم، كانوا أكثر التزاماً بالأخذ بالدليل والتمسك به. وتحضرني قصة تعتبر عبرة ومثالاً جيدا ًلأثر الحوار الطيب مع المخالف، وتلك قصة رواها عبد اللَّه بن مسعود عن عودة بعض الخوارج إلى حضيرتهم الإسلامية، بعد مناظرة ابن عباس لهم وفي جمعهم، والقصة معروفة، ومروية عن عبد اللَّه بن المبارك، أيضاً، قال حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا سماك الحنفي، قال:  سمعت ابن عباس، يقول: قال. علي، كرم اللَّه وجهه، >لا تقاتلوهم ـ أي الخوارج ـ حتى يخرجوا، فإنهم سيخرجون< ـ وسرد قصة دخوله على الخوارج ومناظرته معهم، وبقوة حجته، وبما كان يستشهد به من آيات اللَّه البينات حين يرد على كل سوأل يُسأل به ـ إلى أن قال: >فرجع منهم ألفان وبقي ستة آلاف<، وتلك دلالة قوية وبرهان نير على أن الحوار المبني على صحة الدليل، وقوة الحجة، وسلامة النية، وحسن الطوية، له أثره الكبير والفاعل في إقناع المخالف مهما غلظ قلبه، وتحجرت بصيرته، يقول اللَّه تعالى: {ولو كنتَ فظّاً غليظَ القلبِ لانفضّوا من حولِك} ( سورة آل عمران، من الآية: 159).
وبالكلمة الطيبة والخلق الحسن، ولين القول، وحجية الدليل، تقوى أواصر الأخوة الإسلامية وتتحد الآراء، ولكن أين نقع نحن المسلمين الآن من مثل ما كان عليه آل رسول اللَّه عليه الصلاة والسلام ، وأصحابه الطيبين الطاهرين، لذلك فإسلامنا اليوم بأمس الحاجة إلى العمل بكل جد للتعريف بأن الإسلام دين تسامح، دين محبة، دين توحد، لاعوجَ فيه ولا أمتاً، وأن الشريعة الإسلامية ما كانت قد أنزلت على رسول المحبة والهدى عليه الصلاة والسلام ،  إلا ليسعد بها الناس في الحياة الدنيا والآخرة، {وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين} (سورة الأنبياء، من الآية: 107)، وأن الدين الإسلامي ما هو إلا دين يسر لا دين عسر {يريدُ اللَّهُ بكمُ اليسرَولايريدُ بكمُ العسرَ} (سورة البقرة، من الآية: 185)، وقوله عز وجل في آية أخرى: {وما جعلَ عليكم في الدينِ من حرجٍٍ} (سورة الحج، من الآية: 78).
ـ الدعوة لاستمرارية الحوار الإسلامي بين علماء ومفكري الأمة الإسلامية وفق آداب وأخلاق الدين الإسلامي، حتى يدرك الجميع أن أخوة ووحدة المسلمين، قرينة التوحيد، وحتى يعرف  الجميع أن أسباب الخلاف والاختلاف إنما هي لغرض أداء الفرائض والسنن بوجهها الصحيح، لا سبب له سواها، وأن الاتفاق ما أمكن أولى وأفضل، يقول اللَّه تعالى: {واعتصموا بحبل اللَّّه جميعاً ولاتفرَّقوا} (سورة آل عمران، الآية: 103)،  ويقول عز من قائل: {ولاتكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات} (سورة آل عمران، من الآية: 105) .
ـ بذل الجهد تخطيطاً وتنفيذاً، والمال دعماً وعطاءً، لتكوين الشباب المسلم معرفياً وعلمياً، وتعريفهم بأهمية وضرورة التزود بآداب الدين الإسلامي والعمق فيه، حتى يحفظوا لدينهم جذوته، ولدينهم ومعتقدهم قوته وسلامته، ويتمكنوا من إدراك وتحاشي المخاطر الهائلة المحدقة، والتحديات الكثيفة الخطرة التي يعدها لهم ولدينهم أعداء الإسلام، وليتمكنوا من الوقوف أمام التيارات المضادة للدين الإسلامي، وقد تسلحوا بسلاح الإيمان، سلاح العلم والمعرفة السليمة، وحتى يتحرروا من التعصب الذميم.
ـ دعوة الجامعات الإسلامية والمعاهد والهيئات والمتخصصين بإجراء المزيد من البحوث والدراسات حول الاختلافات بين المسلمين، وتبيين آفاقها، وإظهار الاختلاف في حقيقته الصافية، حتي يعم العلم بما يجمع كلمة المسلمين، ويوحد صفوفهم على كلمة سواء.
ـ دعوة الجامعات الإسلامية إلى فتح باب دراسة الفقه الإسلامي وقواعده دراسة حرة خالية من التعصب المذهبي، والجمود الفكري، اقتداء بما كان عليه توجه وسلوك الأئمة المجتهدين الأعلام.
 المصادر والمراجع
القرآن الكريم
 .1 هداية العقول إلى غاية السؤول في علم الأصول: الإمام المجتهد الحسين بن القاسم، ط. 2 ،1401  هـ .
.2 ميزان الاعتدال في نقد الرجال: محمد أحمد شمس الدين الذهبي، ط. 1، دار إحياء الكتب العربية، مصر، 1382هـ.
.3 درُّ السحابة في مناقب الصحابة: محمد الشوكاني، تحقيق د. حسين عبد اللَّه العمري، ص1 ،1404  هـ، دار الفكر، دمشق.
.4 أسد الغابة في معرفة الصحابة: الآمدي، تحقيق وتعليق محمد إبراهيم البناء، ومحمود عاشوراء، ومحمود عبد الوهاب فايد، كتاب الشعب، 1390هـ.
.5 الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر أحمد بن علي العسقلاني، دار إحياء التراث، بيروت، ط. 1، 1328هـ.
.6 القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد:  محمد علي الشوكاني، دراسة وتحقيق، محمد عثمان الخشت، مكتبة القرآن، غير مؤرخة.
.7 أضواء على السنة المحمدية: أو دفاع عن الحديث، الشيخ محمود أبو رية، دار المعارف، مصر، ط. 5، غير مؤرخة.
.8 الاستيعاب في معرفة الأصحاب، بهامش الإصابة في تمييز  الصحابة: ابن عبد البر يوسف القرطبي.
.9 حياة الصحابة:  محمد بن يوسف الكاند هلوي، تعليق د. محمد بكر إسماعيل،      ط. 1، المكتب الثقافي، ودار الحديث، القاهرة، مصر، 1418هـ.
.10 فضائل الصحابة: للإمام أحمد بن شعيب النَّسائي، تحقيق ودراسة د. فاروق حمادة، دار الثقافة، الدار البيضاء. غير مؤرخة.
.11 منهاج الوصول إلى معيار العقول في علم الأصول: الأمام أحمد بن يحيى المرتضى، دراسة تحقيق الدكتور أحمد علي المأخذي، ط. 1، 1412 هـ، دار الحكمة اليمانية، صنعاء.
.12 الإحكام في ضوء أصول الأحكام: أبو محمد علي بن أحمد بن حزم الظاهري، دار الكتب العلمية،  بيروت، ط.  1405 هـ.
.13 إيثار الحق على الخلق: أبو عبد اللَّه محمد بن المرتضى اليماني، المعروف بابن الوزير، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. 2 ، 1407 هـ.
.14 إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول: محمد بن علي الشوكاني، تحقيق أحمد عبد السلام، دار الكتب العلمية، ط، 1414 هـ.
.15  إرشاد المقلدين عند اختلاف المجتهدين: الإمام الشيخ الشنقيطي، دراسة وتحقيق: الطيب بن عمر بن الحسين الجكني، دار ابن حزم، بيروت، ط. 1، 1418 هـ.
.16 طبقات الفقهاء:  أبو إسحاق الشيرازي الشافعي،  دار الرائد،  بيروت، ط. 2.
.17 ضوابط الاختلاف في ميزان السنة، الدكتور عبد اللَّه شعبان، دار الحديث، القاهرة، ط. 1، 1417هـ.
.18 أدب الاختلاف في الإسلام، د. طه جابر العلواني، الدار العالمية للكتاب الإسلامي والمعهد العالمي للفكر، ط. 1، 1416 هـ.
.19 الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف، الشيخ ولي اللَّه الدهلوي، مراجعة وتعليق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، دار النفائس، بيروت، ط. 2، 1414هـ.
الكاتب ابومعاذ | على8:24 م | لا يوجد تعليقات
الكاتب ابومعاذ | على7:56 م | لا يوجد تعليقات

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

الكاتب ابومعاذ | على7:07 م | لا يوجد تعليقات

أكرم الله عز وجل المسلمين أجمعين في يوم عرفة ووعدهم بالمغفرة وقد قال صلى الله عليه وسلم: {خَيْرُ الدّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ}{1}
لم يقل دعاء المؤمن على أرض عرفة لكنه جعل دعاء يوم عرفة لمن هناك ولمن هنا على أن يشاركهم في حالهم ويهيئ نفسه لاستحضار أحوالهم ولذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين والمؤمنات إلى صيام هذا اليوم وقال في شأنه: {صومِ يومِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الماضِيَةَ والبَاقِيَةَ}{2}
لأن الصيام يقوي الاستحضار ويقوي الناحية الروحانية فيعيش المؤمن في هذا اليوم في أي زمان وفي أي مكان وكأنه على عرفات الله عز وجل مع الحاج يدعو الله أو يتلو كتاب الله أو يستغفر الله أو يبتهل ضارعاً إلى الله المهم ألا يشغل نفسه في هذا اليوم إلا بطاعة الله عز وجل
فإذا أكرم الله الحجيج بإجابة الدعوات كان دعاؤه معهم وإذا أكرمهم الله بغفران الذنوب غفر الله عز وجل له معهم وإذا تفضل عليهم بشئ من الرحمات عمته الرحمة معهم لأنه شاركهم بنفسه وبروحه وإن لم يستطع أن يشاركهم بجسمه ، ويشهد لذلك قول رسولكم الكريم صلى الله عليه وسلم فيما يرويه الإمام البخاري عندما توجه بجيشه إلى تبوك ببلاد الشام ووقف هناك وقال لمن حوله: {إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَقَوْماً ، مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ ، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً ، إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ فِيهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ}{3}
ولأن العذر حبسهم فقد شاركوا إخوانهم في أجورهم وفي مكافآتهم وفي كل أحوالهم ، هكذا الأمر يا جماعة المؤمنين لمن حبسهم العذر عن الذهاب إلى بيت الله لكنه عاش في هذه الأيام بروحه وبنفسه وبعقله وبقلبه وبكله في هذه البقاع المباركة حتى أنه عندما ينام من شدة شوقه لهذه الأماكن قد يجد نفسه يطوف بالبيت أو يسعى بين الصفا والمروة أو يقف على عرفات لشدة شوقه إلى هذه الأماكن المباركات
فدعانا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن نصوم هذا اليوم وإلى أن نكبر الله عز وجل من صبح الغد وهو يوم عرفة إلى عصر يوم الرابع من أيام العيد ، نكبر الله بعد كل صلاة سواء صلينا في جماعة أو صلينا فرادى الرجال والنساء وإن كانت النساء تكبر بصوت خافت والرجال بصوت عالي لكن الكل يكبر الله عقب كل صلاة سواء كانت فريضة أو سنة
فمن صلى ركعتي الضحى عليه أن يكبر في هذه الأيام حتى لو حضرتنا جنازة في هذه الأيام علينا بعد الانتهاء من صلاة الجنازة أن نكبر الله عز وجل: {وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} البقرة185
قال صلى الله عليه وسلم: {مَا رُؤِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمَاً هُوَ أَصْغَرُ وَلاَ أَحْقَرُ وَلاَ أَدْحَرُ وَلاَ أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ}{4}
وقال: {ما مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى سَمَاءِ الدَّنْيَا فِيُبَاهِي بِأَهْلِ الأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ ، فَلَمْ يُرَ يَوْمُ أَكْثَرُ عِتْقاً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ}{5}
وقال صلى الله عليه وسلم ايضاً: {صومِ يومِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الماضِيَةَ والبَاقِيَةَ}{6}

{1} رواه الترمذي في سننه عن عمر بن شعيب ورواه الطبراني في الأوسط عن ابن عمرو {2} رواه مسلم وأحمد في مسنده عن أبي قتادة الأنصاري {3} رواه البخارى وأحمد عن أنس {4} رواه الإمام مالك في الموطأ والبيهقي من طريقه وغيرهما عن طلحة بن عبيد الله بن كريز {5} صحيح ابن حبان عن جابر {6} رواه مسلم وأحمد في مسنده عن أبي قتادة الأنصاري 

الجمعة، 29 أغسطس 2014

الكاتب ابومعاذ | على6:48 م | لا يوجد تعليقات
  
هذه الأسئلة موجهة من أجانب غير مسلمين
هل يحل لغير مسلم أن يدخل المسجد الحرام في مكة المكرمة ؟ إذا لم يكن كذلك ، لماذا؟
الإجابة : 
لا يحل لغير المسلم أن يدخل البيت الحرام كما لا يحل للمسلم غير المتطهر من الحدث الأكبر والمرأة التى عليها الدورة الشهرية أن يدخلوا البيت الحرام ، لأن شرط دخول البيت الحرام وأي مسجد في الأرض الإغتسال والتطهر من الحدث الأكبر وهو الجنابة
وهكذا نجد أن هذا الأمر ليس قيداً على غير المسلم فقط ولكنه قيدٌ على غير المسلم وأيضاً على المسلم الذي لم يتطهر من الحدث الأكبر (الجنابة) ، وذلك حفاظا على قدسية هذا المكان وكل أماكن العبادة لله عز وجل ، فمن يدخلها يدخلها ليعمرها بذكر الله والصلاة وتلاوة كتاب الله والطواف والسعى وهذه الأعمال كلها يشترط لأداءها الطهارة والوضوء قال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} التوبة18
إذا كان التبغ لم يكن موجوداً فى عهد النبى فلماذا يحرمه علماء الإسلام الآن؟
الإجابة : 
اختلف العلماء في تحريم التبغ فمنهم من حرمه بتاتاً ومنهم من كرهه ومنهم من أجرى عليه أحكام الإسلام الخمسة ، مرة مستحب ومرة مكروه ومرة مأمور به ومرة منهي عنه ومرة فاعله مخير فيه ، وذلك لأنه لم يرد نص صريح بخصوصه في القرآن أو السنة ، والأثر الذي استندوا عليه هو ما ورد عن السيدة أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : {نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ}{1}
وجعلوا التبغ يدخل في التفتير ، والتفتير أي تخدير الأعضاء أو كسلها أو وهنها وضعفها حيث لا تستطيع القيام بأعبائها وأعمالها المكلفة بها ، وقد رجع الفقهاء في ذلك إلى أهل الخبرة في هذا الشأن وهم الأطباء عملا بقوله تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} النحل43
ولذا إختلفت أحكامهم بحسب إختلاف أقوال الأطباء في هذا الباب ، فمن الأطباء من يحرم التبغ على المصابين بأمراض بعينها ، وهؤلاء يحرم عليهم شرب الدخان ، ومنهم من يطالبونه بأن يتناول قليلا من التبغ حتى تقل شهيته إلى الطعام ، كذوي السمنة وهؤلاء يباح لهم شرب الدخان ، ولا ننسى الجوانب الإجتماعية فلها أيضا أثر كبير في ذلك وإذا كان الرجل فقيراً ولا يجد ضرورياته هو وأسرته إلا بمشقة بالغة ودخله لا يكاد يكفيه يحرم عليه أن يشرب التبغ ويحرم أهله وذويه من مطلب ضروري لا غنى لهم عنه
وهكذا نجد أن أحكام التبغ تدور وفق حالة الإنسان الصحية والاجتماعية والذي يقرر ذلك هم علماء الشريعة الفقهاء بعد الرجوع إلى أهل الخبرة من علماء الإجتماع والأطباء وغيرهم
ما الغرض من تحريم الربا؟
الإجابة : 
الغرض من تحريم الربا أمور كثيرة وضحتها الشريعة المطهرة وعلوم الاقتصاد المعاصرة منها :
1. الربا يمنح صاحب المال الحصول على المكاسب الباهظة بغير تعب ولا عمل ولا عناء والإسلام يحرص على توظيف الأموال في الأعمال لإتاحة الفرصة للفقراء وتوفير فرص العمل المناسبة لهم ، لكن الربا يقلل فرص الحصول على العمل في المجتمع
2. أقرت المجتمعات الأوربية الحديثة أن سبب التضخم الذي تعاني منه كثير من الدول هو الربا حيث أن ميزانية هذه الدول تبتلعها الفوائد الربوية الباهظة المحددة على القروض التى إقترضتها هذه الدول مما يؤثر سلبا على خدمات هذه الدول نحو أبناءها سواء خدمات تعليمية أو صحية أو في مجال النقل والمواصلات أو الكهرباء أو تعبيد الطرق وغيرها من الخدمات التى يحتاج إليها المواطنون جميعا أغنياء وفقراء
3. أن الربا يستغل حاجة الفقير ويؤثر عليه تأثيراً بالغاً قد يجعله لا يخرج من هذه الضائقة الإقتصادية أبداً والإسلام يجعل له بديل إقتصادي عظيم هو القرض الحسن الذي يحبب في فعله الأغنياء ويدعوهم إليه ربهم في محبة الناس وطلبا لمرضاة الله عز وجل

{1} رواه أبو داود والإمام أحمد والبيهقي عن أم سلمة
 

الخميس، 28 أغسطس 2014

الكاتب ابومعاذ | على6:34 م | لا يوجد تعليقات

بنى سيدنا إبراهيم وإسماعيل البيت ثم أمره الله عز وجل أن ينادي على الناس بالحج للبيت فقال: يا ربَّ وما يبلغ صوتي ، قال: عليك الآذان وعلينا البلاغ: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ{27} لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} الحج27
فوقف سيدنا إبراهيم عليه السلام على جبل أبي قبيس وأمر الله عز وجل الأرواح أن تخرج من مستقرها وأمر الجبال أن تهبط والوديان أن ترتفع وأمر الهواء أن يوصل صوته إلى الناس جميعاً. فنادى إبراهيم مرة جهة المشرق ومرة جهة المغرب ومرة جهة الشمال ومرة جهة الجنوب وفي كل مرة يقول: أيها الناس إن الله قد بنى لكم بيتاً وأمركم بالحج فحجوا فلبى الناس في زمانه ولبت الأرواح من عصره إلى يوم الدين وقالوا جميعاً: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك.
منهم من رددها مرة ومنهم من رددها مرتين ومنهم من زاد على مرتين والملائكة يسجلون قال صلى الله عليه وسلم: {فمن لبى مرة حج مرة ومن لبى مرتين حج مرتين ومن زاد على ذلك فبحساب ذلك}{1}
فإذا كانت ليلة النصف من شعبان يظهر في اللوح المحفوظ أسماء حجاج بيت الرحمن في هذا العام فتحمل الملائكة النبأ إلى قلوبهم وإلى أرواحهم فيحسون بالشوق إلى بيت الله وبالحنين إلى حج بيت الله ويهيئ الله عز وجل الأسباب وهو سبحانه يرزق من يشاء بغير حساب منهم من يوفقه الله عز وجل ويأتيه ملك في المنام يبشره بحج بيت الله الحرام ومنهم من يوفقه الموفق فيأتيه الحبيب المختار صلى الله عليه وسلم فيدعوه بذاته الشريفة للحج وللزيارة وناهيك بهذا الشرف العظيم
فعندما جاء صلى الله عليه وسلم إلى هارون الرشيد يدعوه قام من نومه مستبشراً وأقسم أن يحج ماشياً على قدميه من بغداد حتى يؤدي المناسك لماذا؟ لأن الذي بشره ودعاه هو حبيب الله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم
وهذه امرأة من الجزائر جاءها صلى الله عليه وسلم فدعاها للحج وللزيارة فقامت من نومها فرحة مستبشرة وأقسمت أن تذهب إلى البيت على عينيها وبعد القسم احتارت في كيفية التنفيذ فذهبت وأرسلت إلى العلماء لتستفتيهم فأفتوها أن تصلي ركعتين عند كل خطوة تخطوها في طريقها إلى بيت الله عز وجل فذهبت بهذه الطريقة في ثلاث سنوات حتى وصلت إلى بيت الله الحرام لتوفي بالوعد الذي أقسمت عليه لله عزوجل
ومنهم من يرى في منامه أنه يطوف مع الطائفين ومنهم من يرى نفسه واقفاً على عرفات مع الحجيج ومنهم من يرى أنه يسعى بين الصفا والمروة ومنهم من يرى أنه في الروضة النبوية الشريفة تأتيهم الدعوات بأي كيفية من الله عز وجل
ومنهم من يخبره ملك الإلهام الموجود على قلبه فيهيئ له الشوق الحار لزيارة الله في بيته والظمأ الشديد لأداء المناسك فيعلن إلى من حوله أنه ذاهب إلى بيت الله فلا يذهب إلى هناك على الحقيقة رجل ماله حلال إلا إذا سبق له التوفيق من الموفق عز وجل
أما الذي يذهب وماله حرام فليس لنا شأن به ومثلما راح سيعود ولن يناله إلا التعب والمشقة وقد قال صلى الله عليه وسلم في مثله: {مَنْ حَجَّ بِمَالٍ حَرَامٍ فَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، قَالَ اللَّهُ عز وجل لَهُ: لاَ لَبَّيْكَ وَلاَ سَعْدَيْكَ وَحَجُّكَ مَرْدُودٌ عَلَيْكَ}{2}
أما لماذا يذهبون؟ بعضهم ينال النصيب الأوفر فيأخذ حظه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : {مَن حَجَّ هذا البيتَ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ ، رجَعَ كما ولَدَتْهُ أمُّه}{3}
وبعضهم ينال نصيب أكبر من هذا ويكون داخلاً في قوله صلى الله عليه وسلم: {الحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلاَّ الجَنَّةِ}{4}
فالذي عليه ذنوب يرجع وقد طهره الله من الذنوب والعيوب والذي يحج وليس عليه ذنوب ولا له ذنوب يأخذ كارت ضمان من علام الغيوب بدخوله الجنة والأمان يوم الموقف العظيم ويدخل في قول الرحمن الرحيم {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} آل عمران97
آمناً من عذاب الله وآمناً من غضب الجبار ، وآمناً من شرار الناس في هذه الحياة الدنيا ، وآمناً من فزع يوم القيامة لأنه يدخل في قول الله {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}الأحقاف13
درجات لا نستطيع عدها في هذا الوقت ، قال صلى الله عليه وسلم: {إن الله وعد من حج البيت أن يرده إلى بيته غانماً سالماً مغفوراً له ذنبه وإن توفاه عنده أن يقيض له ملكاً يحج عنه ويلبي عنه إلى يوم القيامة}{5}
ما هذه المغفرة التي ينالها حجاج بيت الله؟ ومن ينالونها هل يتبقى عليهم شئ بعدها أم يغفر الله عز وجل لهم جميع ذلك؟ إن الله عز وجل يغفر لهم مغفرة عامة شاملة لكل ما قالوه أو فعلوه أو اقترفوه أو جنوه يقول فيها صلى الله عليه وسلم: {إِذَا أَفَاضَ الْقَوْمُ مِنْ عَرَفَاتٍ أَتَوْا جَمْعاً فَوَقَفُوا ، قَالَ اللهُ تعالى: انْظُرُوا يَا مَلاَئِكَتِي إِلَى عِبَادِي عَاوَدُونِي فِي الْمَسْأَلَةِ ، أُشْهِدُكُمْ أَني قَدْ أَجَبْتُ دَعْوَتَهُمْ ، وَشَفَعْتُ رَغْبَتَهُمْ ، وَوَهَبْتُ مُسِيئَهُمْ لِمُحْسِنِهِمْ ، وَأَعْطَيْتُ مُحْسِنَهُمْ جَمِيع مَا سَأَلَ ، وَتَحَمَّلْتُ عَنْهُمُ التَّبِعَاتِ الَّتِي بَيْنَهُمْ}{6}

{1} أخرجه ابن اسحاق في سيرته والأرزقي في أخبار مكة {2} رواه الطبراني في الأوسط والأصبهاني والبزار عن أبي هريرة {3} رواه الدار قطنى في سننه وأحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي هريرة {4} رواه أحمد في مسنده والبيهقي في سننه ومسلم في صحيحه والطبراني والحاكم عن جابر {5} رواه أحمد في مسنده عن أبي هريرة {6} الْخطيب في المتفق والمفترق عن أنسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ

الاثنين، 25 أغسطس 2014

الكاتب ابومعاذ | على6:21 ص | لا يوجد تعليقات


بيت الله الحرام فيه آيات ظاهرة جلية يراها حتى الكافر والنافر ، بل إن كفار مكة كانوا يعظمون البيت قبل الإسلام ومعهم العرب وهم يعبدون الأصنام لماذا؟ للآيات الحسية التي رأوها في هذا البيت المبارك
انظروا معي بيت بني بالأحجار كيف تتأدب معه الحيوانات والأطيار؟ وهي كما نعلم جميعاً ليس معها عقول ولم تتأدب بآداب ، إن الطيور التي حوله والتي حماها الله وحرم ذبحها لأدبها مع بيت الله ماذا تفعل؟
تطوف حوله كالطائفين ولا تعلو ظاهره أبداً في طيرانها إلا الطائر المريض فإنه يعلو ظاهر البيت ويقف فوق ظهره للحظات فيشفى بإذن الله عز وجل أما الجميع فيطوفون حوله كما يطوف الطائفون ولا يعلون ظهره أبداً أدباً مع بيت ربهم عز وجل
بل إن الناقة التي ركبها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في حجة الوداع وطاف راكباً لها حول البيت وسعى عليها بين الصفا والمروة أمسكت نفسها فلم تخرج بولاً ولا روثاً في بيت الله عز وجل تأدباً مع بيت الله عز وجل مع أن بولها طاهر وروثها طاهر لأن القاعدة الشرعية كل ما أكل لحمه فبوله طاهر وروثه طاهر
بل إن الحيوانات المتوحشة كالأسود والنمور والكلاب رؤى عنها مراراً وتكراراً أنها كانت تجري وراء صيد لها مثيل لها فتجري وراء زرافة أو تجري وراء ماعزاً وتجري وراء ضبّ فتدخل الفريسة الحرم فيقف الوحش ويتأدب ولا يستبيح الصيد في داخل الحرم الذي جعله الله عز وجل آمناً فإذا كانت الحيوانات المتوحشة والطيور والحيوانات المستأنسة تتأدب مع هذا البيت فلماذا؟
لأن فيه أسرار وأنوار لا يكشفها الواحد القهار إلا لعباده الأخيار والأطهار بل إن العرب عرفوا به أسرار الأمطار قبل تقدم علم الفلك في العالم أجمع فيجلسون حول البيت في موسم الحج فإذا نزل المطر شرق البيت كان شرق العالم كله في هذا العام في خير وبركة ومطر من الملك العلام وإذا نزل الغيث غرب البيت كان غرب العالم كله في هذا العام مطر وخير من الله عز وجل وإذا نزل المطر حوله من جميع الجهات كان هذا العام عام رخاء على الأرض كلها
فهو الميزان وهو المرصد الذي يحدد الخير النازل من الله إلى جميع عباد الله وشتى أرجاء المعمورة بإذن الله عز وجل ، هذا البيت لا يخلو من الملائكة فحوله سبعون ألفاً من الملائكة الكرام كل كلماتهم آناء الليل وأطراف النهار آمين آمين آمين يؤمنون على دعاء الطائفين والعاكفين والراكعين والساجدين في بيت رب العالمين عز وجل
ولذا كان الدعاء فيه مستجاب لا يرد أبداً لأن الله عز وجل جعله موضع إجابة وعندما دعا فيه الخليل إبراهيم رأينا أثر دعوته إلى يومنا هذا فما فيه هؤلاء القوم من خيرات وثمرات وبركات إنما هو استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام
هذه الآيات وغيرها كثيرات لضيق المقام عن ذكرها جعلت المولى عز وجل لا يدخل بهذا البيت إلا من يحبه من عباده وكل من أراد الله غفران ذنوبه وكل من أراد الله ستر عيوبه وكل من أراد الله تطهيره من الخطايا وكل من أراد الله أن يجعله من التوابين والمتطهرين اسمعه في البدأ دعوة إبراهيم للزائرين 

الأحد، 24 أغسطس 2014

الكاتب ابومعاذ | على7:02 ص | لا يوجد تعليقات

 
هذه الأسئلة موجهة من أجانب غير مسلمين


ما الحكمة من وراء أركان الإسلام الخمسة؟

الإجابة : 

لأركان الإسلام الخمسة حكم كثيرة فلكل ركن من هذه الأركان حكم لا تعد خاصة به لكننا سنكتفى في هذا المقام بأبرز الحكم المشتركة بين عناصر الإسلام الخمسة وهي :

1. تجعل المؤمن يعترف بالعبودية ويقر بالألوهية لله عز وج فينجو من الشرك بأنواعه والإلحاد بكافة أساليبه

2. تعد هي امتحان التصديق للإيمان فالمؤمن عندما يعلن إيمانه بالله عز وجل يحتاج إلى برهان من العمل يدلل به على صدق إيمانه فكان هذا البرهان هو العمل بأحكام الإسلام الخمسة


3. العمل بهذه الأركان يعمل على طهرة النفس وتزكيتها من الأخلاق الرديئة والصفات السيئة التى ينبغي للمؤمن أن يتجنبها في حياته لينال محبة الناس في الدنيا ورضا الله عز وجل في الدار الآخرة

4. المداومة على العمل بأركان الإسلام الخمسة يكسب فاعلها الأخلاق الطيبة والأوصاف الكريمة وأولاها البعد عن المعاصي وتجنب الشرور ، وثانيها المسارعة إلى عمل الخيرات وفعل الطاعات


5. القيام بها دائما يحدث للمرء التوازن النفسي الذي لا بد له منه في حياته ليحيا حياة طيبة كريمة والإستقرار الوجداني الذي يساعده على حسن التفكير وجودة التدبير والإختراعات والمكتشفات التى تيسر له أمور حياته

6. العمل بها يجعل المرء يكثر من ذكر الله عز وجل وذكر الله به طمأنينة القلب وسلامة الصدر وراحة الضمير


إلى غير ذلك من الحكم الكثيرة الدينية والعلمية والاجتماعية التى يكتسبها المرء من هذه الأركان والتى لا نطيل بذكرها الآن خوفا من السآمة والملل ، ومن أراد المزيد من ذلك فليرجع لكتب الفقه والدين ومراجع الفلسفة الإسلامية ليتعرف بوضوح على جلية هذا الأمر


هل يجب على من يريد الدخول فى الإسلام الإغتسال؟

الإجابة : 

يجب على من يريد دخول الإسلام الإغتسال ظاهراً بالماء وهو إشارة إلى غسل قلبه وباطنه من الشرك والشكوك والظنون والأوهام التى لا تليق بمعتنق الإسلام ، وإشارة أيضاً لغسل جوارحه الظاهرة اليدين والرجلين والعينين والأذنين واللسان والفرج والبطن من الآثام والذنوب التى ارتكبها بهذه الجوارح قبل دخول الإسلام ، فيدخله طاهراً نظيفاً ظاهراً وباطنا فيكتسب محبة الله لأن الله يقول في كتابه: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة222


هل إزالة الشعر لأحد الراغبين في اعتناق الإسلام واجبة؟ وأنه جزءٌ من النقاء أو النظافة؟

الإجابة : 

لم يثبت أن الإسلام طلب من أحد معتنقيه حديثاً أن يزيل شعره إلا إذا كان شعره طويلاً عن الحد وأشعث أغبر فيطالبه بتهذيبه على سبيل الاستحباب لقوله صلى الله عليه وسلم:{مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ ، فَلْيُكْرِمْهُ}{1}

أما الذي يطالب به الذكر فقط عند دخوله في الإسلام فهو أن يختتن إن لم يكن إختتن قبل ذلك لأن الختان من شعائر الإسلام الفارقة بينه وبين الأديان الأخرى


{1} رواه أبو داود عن أبي هريرة
[/QUOTE]





 

شارك

Delicious Digg Facebook Favorites More Stumbleupon Twitter